فصل: 8- باب الإحرام:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.حكم خروج القادم من مكة لأداء عمرة:

يكره للقادم إلى مكة إذا حج أو اعتمر الخروج من مكة إلى الحل كالتنعيم لأداء عمرة تطوع له أو لغيره؛ وذلك بدعة لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم، لا في رمضان ولا في الحج ولا في غيرهما ألبتة.
وعمرة عائشة رضي الله عنها لم يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بها، بل أذن لها بعد المراجعة تطييباً لقلبها، والطواف بالبيت أفضل من الخروج إليها.
وعمرة عائشة رضي الله عنها من التنعيم خاصة بالحائض التي لم تتمكن من إتمام عمرة الحج كعائشة، فلا تشرع لغيرها من النساء الطاهرات، فضلاً عن الرجال، فينبغي لزوم السنة، وترك ما سواها.

.8- باب الإحرام:

- الإحرام: هو نية الدخول في النسك حجاً كان أو عمرة.

.حكمة مشروعية الإحرام:

شرع الله الإحرام لإظهار تذلل العبد لربه، وذلك بإظهار الشعث، وترك الرفث، والمنع من أسباب الزينة.
والإحرام مبدأ النسك والعبادة، فهو للحج أو العمرة كتكبيرة الإحرام للصلاة يَحْرم بعدها ما كان مباحاً قبلها، فكذلك المُحْرِم يترك بعد الإحرام ما كان مباحاً له من قبل.
والإحرام من المواقيت زيادة في شرف البيت وفضله، فجعل لبيته الحرام حرماً آمناً، وأكد ذلك وقواه بأن جعل لحرمه حرماً وهو المواقيت المعروفة.
فلا يدخل من أراد النسك إلى الحرم إلا إذا كان على وصف معين، ونية معينة؛ تعظيماً لله، وتكريماً وتشريفاً لبيته وحرمه.
{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [32]} [الحج:32].

.أقسام الناس في الإحرام:

الناس في الإحرام ثلاثة أقسام:
الأول: مَنْ وطنه خارج المواقيت.
الثاني: مَنْ وطنه ما بين الميقات والحرم.
الثالث: مَنْ وطنه الحرم.
فالأول يحرم من الميقات، فإن جاوزه رجع إليه وأحرم منه، فإن لم يرجع وأحرم دونه فهو آثم، وقد ترك واجباً عليه، وإحرامه مجزئ.
ومَنْ هو دون الميقات من جهة مكة يحرم من مكانه، ولا يدخل الحرم إلا بإحرام.
فإن جاوزه إلى الحرم لزمه أن يرجع إلى مكانه ليحرم منه، فإن لم يرجع وأحرم من الحرم فهو آثم، لأنه ترك واجباً عليه، وإحرامه مجزئ.
ومَنْ هو في الحرم يُحرم من الحرم من حيث أنشأ النية مفرداً، أو قارناً.
وإذا أراد العمرة أو الحج متمتعاً خرج إلى أدنى الحل ليحرم منه، فإن أحرم للعمرة من الحرم فهو آثم؛ لأنه ترك واجباً عليه وإحرامه مجزئ.
عَنِ الأسْود قَالَ: قَالتْ عَائِشَةُ رَضِي الله عَنْهَا: يَا رَسُولَ الله، يَصْدُرُ النَّاسُ بِنُسُكَيْنِ وَأصْدُرُ بِنُسُكٍ؟ فَقِيلَ لَهَا: «انْتَظِرِي، فَإِذَا طَهُرْتِ فَاخْرُجِي إِلَى التَّنْعِيمِ فَأهِلِّي، ثُمَّ ائْتِينَا بِمَكَانِ كَذَا، وَلَكِنَّهَا عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِكِ أوْ نَصَبِكِ». متفق عليه.

.أنواع الإحرام بالحج:

يُحرم المسلم بالحج على إحدى كيفيات ثلاث:
الإفراد.. أو القران.. أو التمتع.
1- فالإفراد: أن يُهل بالحج وحده قائلاً: لبيك حجاً.
2- والقران: أن يُهل بالعمرة والحج معاً قائلاً: لبيك عمرة وحجاً، أو يُدخل الحج على العمرة قبل الطواف.
3- والتمتع: أن يُهل بالعمرة فقط في أشهر الحج قائلاً: لبيك عمرة، ثم إذا فرغ من العمرة حل، ثم يحرم بالحج في العام نفسه.
ويسن للمسلم أن يهل بهذا مرة.. وبهذا مرة.. وبهذا مرة.. إحياءً للسنة.. وعملاً بها بوجوهها المشروعة.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «مَنْ أرَادَ مِنْكُمْ أنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أرَادَ أنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ، فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ أرَادَ أنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، فَلْيُهِلَّ». قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأهَلَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِحَجٍّ، وَأهَلَّ بِهِ نَاسٌ مَعَهُ وَأهَلَّ نَاسٌ بِالعُمْرَةِ، وَالحَجِّ وَأهَلَّ نَاسٌ بِعُمْرَةٍ، وَكُنْتُ فِيمَنْ أهَلَّ بِالعُمْرَةِ. أخرجه مسلم.

.كيفية اختيار النسك:

1- إذا أراد المسلم أن يفرد العمرة بسفرة، ويفرد الحج بسفرة، فهذا الإفراد أفضل له من القران والتمتع الذي يؤديه في سفرة واحدة.
2- إذا أراد أن يجمع النسكين العمرة والحج في سفرة واحدة، وقدم إلى مكة في أشهر الحج، ولم يسق الهدي، فهذا التمتع أفضل له.
3- إذا أراد أن يجمع بين النسكين العمرة والحج، ويقرن بينهما في سفرة واحدة، ويسوق الهدي من بلده، فهذا القران أفضل له اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
والذي اختاره الله عز وجل لنبيه القِران، وسوق الهدي.
والذي اختاره الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته هو التمتع بلا سوق الهدي.
فالتمتع أفضل الأنساك.. وأسهلها وأيسرها.. وأكثرها عملاً وأجراً.
1- عَنْ جَابِر بن عَبْدِالله رَضِي اللهُ عَنْهُمَا أنَّهُ حَجَّ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ سَاقَ البُدْنَ مَعَهُ، وَقَدْ أهَلُّوا بِالحَجِّ مُفْرَداً، فَقال لَهُمْ: «أحِلُّوا مِنْ إِحْرَامِكُمْ، بِطَوَافِ البَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَقَصِّرُوا، ثُمَّ أقِيمُوا حَلالاً، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَأهِلُّوا بِالحَجِّ، وَاجْعَلُوا الَّتِي قَدِمْتُمْ بِهَا مُتْعَةً». فَقالوا: كَيْفَ نَجْعَلُهَا مُتْعَةً، وَقَدْ سَمَّيْنَا الحَجَّ؟ فَقال: «افْعَلُوا مَا أمَرْتُكُمْ، فَلَوْلا أنِّي سُقْتُ الهَدْيَ لَفَعَلْتُ مِثْلَ الَّذِي أمَرْتُكُمْ، وَلَكِنْ لا يَحِلُّ مِنِّي حَرَامٌ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ». فَفَعَلُوا. متفق عليه.
2- وَعَنْ أبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَنِي إِلَى اليَمَنِ، قال: فَوَافَقْتُهُ فِي العَامِ الَّذِي حَجَّ فِيهِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يَا أبَا مُوسَى! كَيْفَ قُلْتَ حِينَ أحْرَمْتَ؟». قال قُلْتُ: لَبَّيْكَ إِهْلالاً كَإِهْلالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «هَلْ سُقْتَ هَدْياً؟». فَقُلْتُ: لا، قال: «فَانْطَلِقْ فَطُفْ بِالبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ ثُمَّ أحِلَّ». متفق عليه.

.حكم من أطلق نية الإحرام:

من أحرم إحراماً مطلقاً، قاصداً أداء ما فرض الله عليه، ولم يعين نوعاً من أنواع النسك لعدم معرفته به، جاز وصح حجه، وفعل واحداً من الثلاثة تمتعاً أو قراناً أو إفراداً.
وكذا لو قال: أهللت بما أهلّ به فلان صح وفَعَل مثله.
عَنْ أبِي مُوسَى رَضِي الله عَنْه قال: بَعَثَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى قَوْمٍ بِاليَمَنِ، فَجِئْتُ وَهُوَ بِالبَطْحَاءِ، فَقال: «بِمَا أهْلَلْتَ». قُلْتُ: أهْلَلْتُ كَإِهْلالِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال: «هَلْ مَعَكَ مِنْ هَدْيٍ». قُلْتُ: لا، فَأمَرَنِي فَطُفْتُ بِالبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ أمَرَنِي فَأحْلَلْتُ. متفق عليه.

.سنن الإحرام:

1- الغسل عند الإحرام، ولو كانت المرأة حائضاً أو نفساء.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: نُفِسَتْ أسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِمُحَمَّدِ بْنِ أبِي بَكْرٍ، بِالشَّجَرَةِ فَأمَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أبَا بَكْرٍ يَأْمُرُهَا أنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ. أخرجه مسلم.
2- تطييب البدن قبل الإحرام.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا قَالتْ: كُنْتُ أطَيِّبُ رَسُولَ الله? لإحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أنْ يَطُوفَ بِالبَيْتِ. متفق عليه.
3- إحرام الرجل في إزار ورداء أبيضين نظيفين.
وإحرام المرأة فيما شاءت من الثياب غير متبرجة بزينة.
عَنْ عَبْدِالله بْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: انْطَلَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ المَدِينَةِ، بَعْدَ مَا تَرَجَّلَ وَادَّهَنَ، وَلَبِسَ إِزَارَهُ وَرِدَاءَهُ، هُوَ وَأصْحَابُهُ، فَلَمْ يَنْهَ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الأرْدِيَةِ وَالأُزُرِ تُلْبَسُ، إِلا المُزَعْفَرَةَ الَّتِي تَرْدَعُ عَلَى الجِلْدِ. أخرجه البخاري.
4- نية الإحرام عقب صلاة فريضة، أو نافلة كتحية المسجد أو ركعتي الوضوء.
عَنْ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «اللَّيْلَةَ أتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي-وَهُوَ بِالعَقِيقِ- أنْ صَلِّ فِي هَذَا الوَادِي المُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ». أخرجه البخاري.
5- التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند ركوب الدابة.
عَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه قَالَ: صَلَّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، وَنَحْنُ مَعَهُ بِالمَدِينَةِ الظُّهْرَ أرْبَعاً، وَالعَصْرَ بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ بَاتَ بِهَا حَتَّى أصْبَحَ، ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى البَيْدَاءِ، حَمِدَ اللهَ وَسَبَّحَ وَكَبَّرَ، ثُمَّ أهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ. أخرجه البخاري.
6- استقبال القبلة عند الإهلال.
عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا إِذَا صَلَّى بِالغَدَاةِ بِذِي الحُلَيْفَةِ، أمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَرُحِلَتْ، ثُمَّ رَكِبَ، فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ اسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ قَائِماً، ثُمَّ يُلَبِّي حَتَّى يَبْلُغَ الحَرَمَ، ثُمَّ يُمْسِكُ، حَتَّى إِذَا جَاءَ ذَا طُوىً بَاتَ بِهِ حَتَّى يُصْبِحَ، فَإِذَا صَلَّى الغَدَاةَ اغْتَسَلَ، وَزَعَمَ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَعَلَ ذَلِكَ. أخرجه البخاري.
7- رفع الصوت بالتلبية، والمرأة لا ترفع صوتها بحضرة الرجال الأجانب.
عَنِ السَّائِب بْنِ خَلاَّدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بالإهْلاَلِ وَالتَّلْبيَةِ». أخرجه أبو داود والترمذي.

.كيفية الإحرام:

يسن لمريد الإحرام بالحج أو العمرة أن يغتسل، ويتنظف، ويتطيب في بدنه، ولا يطيب ثيابه، ويلبس إزاراً ورداءً أبيضين نظيفين بعد أن يتجرد من المخيط، ويلبس النعلين.
ويسن للمرأة أن تغتسل للإحرام ولو كانت حائضاً أو نفساء، وتلبس ما شاءت من الثياب الساترة، وتجتنب لباس الشهرة، والثياب الضيقة، وما فيه تشبه بالرجال أو الكفار.
ويسن أن يحرم عقب صلاة فريضة إن تيسر.
وليس للإحرام صلاة تخصه، لكن لو أحرم عقب ركعتين مسنونتين فلا حرج كتحية المسجد، أو ركعتي الوضوء، أو صلاة الضحى ونحو ذلك.
وينوي بقلبه الدخول في النسك الذي يريده من حج أو عمرة.
ويسن إحرامه وإهلاله دبر الصلاة في المسجد، أو إذا ركب واستقلت به راحلته، مستقبلاً القبلة.
ويسن للمحرم أن يذكر نسكه، فيقول من يريد العمرة: لبيك عمرة، ويقول المفرد: لبيك حجاً، ويقول القارن: لبيك عمرة وحجاً، ويقول المتمتع: لبيك عمرة.

.حكم اشتراط التحلل من النسك عند العذر:

1- يسن للمحرم إذا كان مريضاً أو خائفاً أن يشترط عند إحرامه التحلل متى حبسه حابس عن إتمام النسك من مرض أو عذر.
فإذا اشترط ولم يتمكن من إتمام النسك بسبب حصر، أو مرض، أو عذر حلّ ولا هدي عليه.
2- إذا لم يشترط المحرم، وحبسه عارض، لزمه دم يذبحه ثم يحل.
1- قال الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة:196].
2- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ لَهَا: «لَعَلَّكِ أرَدْتِ الحَجَّ». قَالَتْ: وَالله لا أجِدُنِي إِلا وَجِعَةً، فَقَالَ لَهَا: «حُجِّي وَاشْتَرِطِي، قُولِي: اللهمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي». وَكَانَتْ تَحْتَ المِقْدَادِ بْنِ الأسْوَدِ. متفق عليه.

.ما يُفعل بالمحرم إذا مات:

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما أَنَّ رَجُلاً وَقَصَهُ بَعِيرُهُ، وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلاَ تُمِسُّوهُ طِيباً، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّياً». متفق عليه.

.صفة إحرام الحائض والنفساء:

يسن للحائض والنفساء ما يسن للطاهرة من الاغتسال والإحرام بالحج أو العمرة.
فإن أحرمت بالحج فتبقى على إحرامها، وتؤدي مناسك الحج، لكن لا تطوف بالبيت حتى تطهر، ثم تغتسل، ثم تكمل نسكها بالطواف، ثم تحل.
وإن أحرمت الحائض أو النفساء بالعمرة فتبقى حتى تطهر، ثم تغتسل، ثم تؤدي نسك العمرة، ثم تحل.
وللحائض والنفساء أن تدخل المسجد الحرام وغيره من المساجد، وتجلس تذكر الله، وتقرأ القرآن، لكن تعتزل المصلى وقت الصلاة.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: نُفِسَتْ أسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِمُحَمَّدِ بْنِ أبِي بَكْرٍ، بِالشَّجَرَةِ فَأمَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أبَا بَكْرٍ، يَأْمُرُهَا أنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ. أخرجه مسلم.

.حكم التلبية:

التلبية شعار الحج والعمرة.
يصوت بها الرجل، وتجهر بها المرأة إلا عند الرجال الأجانب فتسر بها.
ويسن الإكثار من التلبية من حين الإحرام إلى بداية طواف العمرة، وإلى رمي جمرة العقبة في الحج يوم العيد.
ويلبي راكباً وماشياً.. وفي حال النزول والصعود.. وعلى كل حال.
1- عَنْ عَبْدِالله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: «لَبَّيْكَ اللهمَّ! لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ لا شَرِيكَ لَكَ». متفق عليه.
2- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا أنَّ أسَامَةَ رَضِيَ الله عَنْه كَانَ رِدْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مِنْ عَرَفَةَ إِلَى المُزْدَلِفَةِ، ثُمَّ أرْدَفَ الفَضْلَ مِنَ المزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى، قال: فَكِلاهُمَا قال: لَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ. متفق عليه.

.صفة التلبية:

يسن للمحرم عقب الإحرام أن يلبي بتلبية النبي صلى الله عليه وسلم؛ لملازمته لها في جميع نسكه من حج أو عمرة.
1- عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضيَ اللهُ عَنْهُمَا قال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يُهِلُّ مُلَبِّداً، يَقُولُ: «لَبَّيْكَ اللهمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ، لا شَرِيكَ لَكَ». لا يَزِيدُ عَلَى هَؤُلاءِ الكَلِمَاتِ. متفق عليه.
2- وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ مِنْ تَلْبيَةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لَبَّيْكَ إِلَهَ الحَقِّ. أخرجه النسائي وابن ماجه.

.فضل التلبية:

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُلَبي إِلاَّ لَبَّى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ حَتَّى تَنْقَطِعَ الأَرْضُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا». أخرجه الترمذي وابن ماجه.

.ما يجوز للمحرم فعله:

يجوز للمحرم بعد إحرامه ما يلي:
الاغتسال للنظافة والتبرد.. وغسل رأسه.. وغسل ثيابه وتبديلها.. وتسريح شعر الرأس.. وحك رأسه وجلده.
وله لبس الإزار والرداء والحزام والحذاء، ولو كان ذلك كله مخيطاً.
وله لبس الساعة في اليد، وخاتم الفضة، ونظارة العين، وسماعة الأذن.
وله شم الريحان والطيب بلا قصد منه للتلذذ به بل لاختباره، وله شد الإزار بعضه ببعض أو بحزام أو يجعله وزرة على شكل تنُّورة المرأة.
ويجوز له أن يكتحل، ويحتجم لوجع ونحوه ولو قطع بعض الشعر، وله نزع الضرس، وفقء الدُّمَّل، وإماطة الأذى، ومداواة الجرح، ونزع الظفر الذي انكسر ونحو ذلك.
وله تغطية وجهه ليتقي الغبار، أو الشمس، أو البرد ونحو ذلك.
وله الاستظلال بالخيمة، أو السيارة، أو الشمسية ونحو ذلك.
ويجوز الخضاب بالحناء ونحوه للرجل والمرأة.
ويجوز له صيد البحر وطعامه، وذبح بهيمة الأنعام والدجاج ونحوها من الحيوان الأهلي.
ويجوز للمحرم قتل الصائل المؤذي في الحل والحرم كالأسد والذئب والنمر والفهد والحية والعقرب والفأرة، وكل مؤذ كالوزغ والبعوض ونحوهما.
ويجوز للمرأة لبس الحلي، ولبس السراويل والثياب والخفين، غير أنها لا تنتقب، ولا تلبس القفازين.
وللمرأة أن تلبس ما شاءت من اللباس الشرعي، وتجتنب ما فيه زينة، أو شهرة، أو إسراف، أو تشبه بالرجال، أو الكفار، وللمرأة إسدال خمارها على وجهها عند الحاجة، ويجب عند مرور الأجانب بها.
1- قال الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [96]} [المائدة:96].
2- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الحَرَمِ: العَقْرَبُ، وَالفَأْرَةُ، وَالحُدَيَّا، وَالغُرَابُ، وَالكَلْبُ العَقُورُ». متفق عليه.
3- وَعَنْ أمِّ الحُصَيْنِ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم حَجَّةَ الوَدَاعِ، فَرَأيْتُ أسَامَةَ وَبِلالا، وَأحَدُهُمَا آخِذٌ بِخِطَامِ نَاقَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ يَسْتُرُهُ مِنَ الحَرِّ، حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ. أخرجه مسلم.
4- وَعَنِ ابْنِ بُحَيْنَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: احْتَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحْرِمٌ، بِلَحْيِ جَمَلٍ، فِي وَسَطِ رَأْسِهِ. متفق عليه.
5- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أهَلَّ بِحَجٍّ، فَقَدِمْنَا مَكَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يُهْدِ فَلْيُحْلِلْ، وَمَنْ أحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأهْدَى فَلا يُحِلُّ، حَتَّى يُحِلَّ بِنَحْرِ هَدْيِهِ، وَمَنْ أهَلَّ بِحَجِّه فَلْيُتِمَّ حَجَّهُ». قَالَتْ فَحِضْتُ، فَلَمْ أزَلْ حَائِضاً حَتَّى كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَلَمْ أهْلِلْ إلا بِعُمْرَةٍ، فَأمَرَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أنْ أنْقُضَ رَأْسِي، وَأمْتَشِطَ، وَأهِلَّ بِحَجٍّ، وَأتْرُكَ العُمْرَةَ، فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، حَتَّى قَضَيْتُ حَجِّي. متفق عليه.
6- وَعَنْ عَبْدِالله بْنِ حُنَيْنٍ أنَّ ابنَ عبَّاسٍ أرْسَلهُ إلى أبِي أيُوبَ فقَالَ: أرْسَلَنِي إِلَيْكَ عَبْدُالله بْنُ عَبَّاسٍ، أسْألُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَوَضَعَ أبُو أيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ، فَطَأْطَأهُ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ، ثُمَّ قال لإنْسَانٍ يَصُبُّ: اصْبُبْ، فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ، فَأقْبَلَ بِهِمَا وَأدْبَرَ، ثُمَّ قال: هَكَذَا رَأيْتُهُ؟ يَفْعَلُ. متفق عليه.